Menu

مهمات الجبهة المعلنة: عين على التنفيذ 

بوابة الهدف الإخبارية

خاص بوابة الهدف

من المهم أن نستذكر جميعًا وكذلك رفاق الحكيم في ذكرى انطلاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، أن الجماهير الفلسطينية عمومًا أو القواعد الشعبية الفلسطينية والعربية والأممية للجبهة، لم تعتب على الجبهة في أي من المراحل بشأن علة في تشخيصها للواقع، أو تحديد انحيازاتها واصطفافها السياسي، أو خلل بشأن امتثال هذه الانحيازات لمصالح الجماهير والقضية، ولكن العتب كان دائمًا يتصل بالنتائج وأيضًا بالأدوات التي لا تسعف التشخيص في تحقيق التغيير والوصول لنتائج ملموسة بهذا الاتجاه.

على امتداد عمر الثورة الفلسطينية نظرت الجماهير للجبهة باعتبارها ضمير للثورة، وبوصلة من حيث صوابية التشخيص والموقف، بل إن القوى السياسية المناظرة امتلكت ذات النظرة للجبهة، ومارس بعضها انزياحًا برامجيًا مطردًا باتجاه تبني مقولات ورؤى ومواقف وحتى تفاصيل برامجية كانت الجبهة قد نادت بها، وهذا الموقع تحديدًا هو ما يضع خطاب الجبهة في ذكرى انطلاقتها في موضع النظر وأيضًا المحاكمة الجماهيرية، وإذ قدمت الجبهة في خطابها بذكرى الانطلاقة والذي جاء على لسان نائب أمينها العام في كلمة موجهة مباشرة للجماهير الفلسطينية، فإنه قد حمل بعدًا برامجيًا واضحًا ولم يقتصر على كونه خطاب تعبوي أو تنظيمي بحت وهو ما يوجب النظر فيه من هذه الزاوية، أي زاوية المهمات والبرامج المطروحة وأدوات التنفيذ والقرارات والتوجهات المتخذة، والخروج تمامًا من دائرة مقاربته بالصيغة الاحتفائية والعاطفية المصاحبة، لذكرى انطلاقة فصيل فلسطيني رئيسي قدم سيل من الدماء والتضحيات في مسيرة الكفاح الطويل له ولشعب فلسطين ضد الغزو الاستعماري الصهيوني وأدواته.

طرحت الجبهة في عنوان بناء القدرة الفلسطينية الذاتية وترتيب البيت الفلسطيني في مواجهة العدوان والتحديات، برنامج فرعي كإجابة على سؤال الانقسام المزمن، وجدلية تحقيق الوحدة المستعصية منذ سنوات، من خلال طرح تيار وطني ديمقراطي كجسم نضالي مفتوح يجمع كل القوى والشخصيات الديمقراطية الوطنية، لتعمل من أجل بناء ديمقراطي للمنظومة السياسية الفلسطينية يضعها في خدمة الجماهير، ويشكلها بما يعكس تمثيل حقيقي لإرادة شعبنا، وهي شعارات وإن بدت مستعصية إذا تخيلناها على طاولة "التفاوض الفصائلي" لأجل تحقيقها، فإن حملها من قبل جسم نضالي يعني تمليكها أداة حقيقية من المعنيين بتحقيق هذا الهدف الذي تطالب به أغلبية فلسطينية ساحقة، هنا استعادت الجبهة تشخيصها لدور الحزب كأداة تنظيمية تقدم وتجترح البدائل والأجسام، وتسند وتسهم في تنظيم الشعب لصفوفه، استعادة أو بناء الديمقراطية الفلسطينية، وبناء منظومة سياسية عادلة تمتثل لإرادة الشعب الفلسطيني هي مهمة كل الوطنيين والديمقراطيين، وليس مهمة الجبهة أو أي حزب سياسي منفرد، وهي مهمة لن تنجز بإطلاق المناشدات، ولكن بالنضال الوطني المنظم على هذا الصعيد، نضال يخوضه تيار وطني ديمقراطي، لا يفصل بين مهمته النضالية الداخلية هذه بتفاصيلها وتعقيداتها وكثافة وثقل أعبائها، وبين الموقف الواضح من العدو، ومن حق شعبنا في مقاومته، وممارسة الدعم الكامل لمقاومة شعبنا، بل وضبط الهدف الديمقراطي لعنوانه الوطني، أي لضرورة احتكام أي ترتيب للمنظومة السياسية لأن تكون خادمة للنضال الوطني وحامية لظهر الجماهير المناضلة.
وفي عنوان المواجهة المباشرة مع العدو في مختلف ساحات هذه المواجهة، كان البرنامج أيضًا يرتبط بجبهة مقاومة وطنية واسعة، تنهض بكافة اشكال المقاومة، وتشكل بأدواتها المختلفة الحامل والرافعة لها، وتترجم برامجها التي يجب أن تعبر عن إرادة الجماهير. إن محاكمة هذا الهدف والأداة تقف عند معيار أساسي وهو جدية الرهان على هذا الجسم في مضماره النضالي وعدم السماح إطلاقًا بأسره أو تقييده أو تعطيله أو رهنه لاعتبارات منافسات الصلة وتوازنات المصالح الحزبية، فما يجب أن تكون الفصائل قد أدركته جميعا بلا استثناء، أن جماهير شعبنا تقاوم العدو بالفعل، وتشتبك معه في معظم ساحات الوطن، وأن المطلوب من الفصائل الوطنية أن تلعب دورها التنظيمي والتحشيدي والداعم لهذا النضال، وبذات المفهوم الوحدوي الذي تتشكل به بنى وأدوات النضال الجماهيري على أرض الواقع، وهنا من حق كل فلسطيني أن يحاكم سياسات الجبهة في هذا المضمار لا بالحكم على الشعار فحسب، ولكن بمقدار انضباطها في مراحل تنفيذه، لرفض أي بعد استخدامي لهذا الشعار الوطني العظيم، والمهمة الفارقة في تاريخ شعبنا.

عربيًا لا شك أن عنوان استعادة قدرة الجماهير العربية على الإسهام في مواجهة الهجمة الاستعمارية، وفي مقدمة ذلك تنظيم قدرتها على تعزيز أنشطة المقاطعة ومناهضة التطبيع وتوجيه الدعم المعنوي والمادي لشعب فلسطين، مهمة تستحق أكثر من الإشادة والتنويه وحتى الدعوة إلى تكاتف قوى مناهضة التطبيع وتصعيد نضالها، باتجاه اقتراح وتشكيل جسم عربي موحد يشكل رافدًا لهذه المهمة، ويتجاوز حالات الاستقطاب السلبي والفئوي والطائفي التي مزقت المواقف والأجسام والمؤسسات والأطر والائتلافات العربية المعادية للصهاينة؛ فالجماهير العربية اليوم تظهر مواقف واضحة موحدة وترفع أصوات متزايدة ضد الهجمة التطبيعية، وفي هذا العنوان تشكل الجبهة عنوان أساسي لما لها من بعد وحضور قومي عربي متأصل ومؤثر، بل ويمكن القول إنها الفاعل العربي الأعلى ثقلًا على مستوى علاقاتها التاريخية بالقوى العربية المناهضة للكيان الصهيوني وللمشروع الاستعماري برمته.
هذه المهمات الثقيلة، وإن جاء خطاب الجبهة معلنًا عن أدواته لتحقيقها؛ مكرسًا مفهوم نضال الجماهير، ودور الحزب كفاعل بين هذه الجماهير، وإطار منظم وداعم لنضالاتها؛ منطلقًا من واقعها ومن بين صفوفها، فإنها جميعًا محكومة في مساراتها بمواقف عموم هذه الجماهير منها، وحسن اختيارها لأدواتها ورموزها، وممارساتها السياسية والاجتماعية.

أخيرًا وليس على الهامش، قد أحسنت الجبهة حين تقدمت نساء فلسطين بحضور كثيف في مهرجان انطلاقتها من أرض غزة المحاصرة؛ فالمناضلات وأمهات الشهداء والاسرى، وكل امرأة فلسطينية؛ متمسكة بموقفها الوطني وحقوقها الإنسانية والديمقراطية هي عنوان لفلسطين ولنضالها، ولجبهة الشعب الفلسطيني في مواجهة الاستعمار وأدواته الرجعية، بهذه الوجوه المشرقة والهامات المرفوعة لمناضلات فلسطين ومناضليها؛ هناك أفق للنضال بعيدًا عن كل محاولات فرض الهزيمة واليأس والاحباط واستبطان الهزيمة على شعبنا، مناضلات ومناضلي فلسطين، وقواها الوطنية وفي المقدمة منها قواها التقدمية سيفرضون هزيمة الغزو الصهيوني.